الافتتاحية

أين العدل والسلام؟ 

 

“أنا أنكر عدالة الأرض لأنها مفقودة”.
“الإنسان .. إنه أعدى أعداء نفسه فكيف بسواه من أبناء جنسه”.

بهذه الكلمات الفلسفية العميقة، وصف الدكتور داهش الحال التي آل إليها الإنسان في هذا العصر.

وها هي الحقائق الراهنة والأحداث العالمية تؤكّد للأسف صحّة هذه الكلمات وصدقها.

فالعدالة والمساواة التي دعت إليها كافة الأديان والرسالات، والتي سنّت أسسها الشرائع والقوانين، قد تقوّضت دعائمها وتهدّم بنيانها، فإذا بالغني يسلب مال الفقير، والقويّ يفتك بالضعيف، واستُبدِلت لغة العقل والمنطق والحوار بلغة الصواريخ والمسيّرات والقنابل.

فبدلاً من التنافس الشريف في حقول العلم والطب والفن والإبداع الخلاق الذي يفضي بالبشرية إلى مستقبلٍ زاهرٍ بالسعادة والطمأنينة والرخاء، ها هي الدول العظمى والصغرى تتنافس بشراسةٍ في حقول الأسلحة النووية وأدواة القتل المدمرة وآلات الحرب الفتاكة التي هبطت بالأرض وسكانها إلى وادي الدموع والآلام والأحزان. 

وها هي الحروب الشرسة والصراعات الدمويّة تنتشر في جميع أصقاع الأرض، من روسيا وأوكرانيا ، فالهند وباكستان، فالسودان، وسوريا، وميانمار، وغيرها، وصولاً إلى إسرائيل وفلسطين. وإذ تدلّ على شيء، فهو أنّ الإنسان فقد روح الإنسانيّة والمحبّة واستبدلها بغرائز القتل والانتقام وسفك الدماء .

فهل يُصدّق أنّ في عصر العلم والنور والتطور التكنولوجي، عصر الصعود الى القمر والمريخ، يتمّ قتل وحرق وتشويه وتجويع الاطفال الأبرياء، فاذا بأجسادهم الغضّة النقيّة وقد استحالت كتلاً شاحبة خائرة ممزقّة تشكو ظلم الإنسان وقسوته الوحشيّة.

فأسى دموعهم و صدى صرخاتهم وآلامهم قد اخترقوا حجب السماء.

إن الله يُمْهل ولكنه لا يُهْمل، وعينه السرمدية المراقبة تحصي كلّ كبيرةٍ وصغيرة، ولا شك أن ينابيع الغضب الإلهي ستتفجّر على الإنسان اذا لم يرعوي ويغلّب مبادئ المحبة والتسامح والإنسانية على ميول الشرّ والعنف والانتقام.

وعلى دائم الأمل أن يسدّد الله بنوره الإلهاميّ خطى الجميع نحو طرق المحبة والسلام والتسامح، وعلى أمل أن ينبلج فجر نورٍ جديد يضيء جنبات عالمنا المظلم الحزين، نتمنى أن تترك مقالات هذا العدد أثراُ طيّباً في قلوب القرّاء أينما كانوا وحيثما حلّوا.

 

هيئة التحرير 

error: Content is protected !!