شعر

قصيدة “لا تقربوها “

 

الأديب الداهشي يوسف الحاج

في أواخر عام ١٩٤١، تعرّف الأديب يوسف الحاج على الدكتور داهش، وأصبح فيما بعد المؤمن الأول بالعقيدة الداهشية التي بدأ عهدها في الثالث والعشرين من آذار ١٩٤٢.

وفي الثاني عشر من شهر أيار عام ١٩٤٢، دعي الاستاذ يوسف الحاج الى التكلم في حفلة خطابية أدبية في (نادي المهاجرين). فتحدث عن اللغة العربية وجمالها وأسرارها وآدابها، وأنشد قصيدة بليغة عنوانها (أم اللغات) ثم فاجأ الجمهور بموضوع الروحانية، بعد أن شهد من الدكتور داهش ظواهر روحية تكاد لا تصدق.1

وفي كتاب “معجزات مؤسس العقيدة الداهشية ومدهشاته الخارقة ” يشهد الاستاذ يوسف الحاج على ما رآه من معجزات وخوارق تجلت على يدي الدكتور داهش وكيف أنارت العقيدة الداهشية طريقه وكيف دعته يلمس الحقيقة الالهية عبرها قائلا”:

“..أشكر القوة الموجدة التي كشفت الحجاب عن عيني، وَدَعَتْني أن أتوصل إلى معرفة الحقيقة الروحية السامية ….بعد أن تكشفت لي الحقيقة ، وشاهدت بأم العين ما لم أكن لأصدق به مما لا يخطر على بال ، حتى في عالم الأحلام والخيال ، ووجدت البون الشاسع الذي كان يفصل ما بين الحقيقة وعدمها ؛ لذلك جئت بهذه الصفحات لأدوّن فيها الجلسات الروحية والعجائب الداهشية التي جرت أمامي ، والتي لمستها لمس اليد ، والتي أتمنى لكل بشري مثلي ، وأخ لي في الانسانية ، أن يلمسها كلمسي إياها ، وأن يرفع الله الغشاوة عن عينيه فيرى ما رأيتُ ، وَيَتَمَتَّع بما تَمَتَّعتُ به ، فيشعر بالغبطة السرمدية والسعادة الحقيقية التي هي غاية الغايات لكل حي .”

ويسعدنا أن نقدّم في هذا المقال للقرّاء الكرام قطعتين خطّهما الاستاذ الأديب يوسف الحاج بخط اليد.

 إحداها هي صلاة النبي الحبيب الهادي التي كتبها الدكتور داهش في ١٣ آب ١٩٤٢ والتي تجسّد مبادئ وروح الرسالة الداهشية.

 والثانية هي قصيدة بليغة كتبها الاستاذ الحاج عن العقيدة الداهشية وذيّلها بتوقيع “المؤمن الأول”. وقد كتبها إبّان فترة الاضطهاد الغاشم الذي تعرض له الدكتور داهش ظلماً وجوراً في أربعينيات القرن الماضي على يد الرئيس السابق بشارة الخوري وحكومته جرّاء دعوته الجميع الى الإيمان بجوهر الأديان دون القشور والى نبذ التعصب البغيض والطائفية المقيتة. فدافع الحاجّ في قصيدته عن إيمانه الثابت الوطيد وعن مؤسس العقيدة، وشحذ من همّة المؤمنين بها ليثبتوا في جهادهم وكفاحهم من أجل إعلاء كلمة الحق والنور بوجه الباطل والظلام. وقد أهدى يوسف الحاج مخطوطة القصيدة الى السيد بولس فرنسيس الداهشي وحفظت في أرشيف وثائق الرسالة الداهشية.

لا تقربوها

لا تقربوها فإن الله حاميها
وان داهش بعد الله “هاديها”

هي الرسالة والأرواح تحرسها
وكلّ قلبٍ من الإخوان يفديها

 كتائب الدهر لا تثني كتائبها
ورمية القوس تدمي قلب راميها

سلوا الألى جرّبوا من قبلهم
وهووا ألا ترونهم صرعى مواضيها !

 تباعدوا يا ذئاب الغاب وارتدعوا
ولا تقولوا خراف نام راعيها

راعٍ يرى بعيون الروح ما قصرت
كل النواظر عن مرأى مآتيها

 عين تنام وأخرى يستشفّ بها
تبقى مدى الدهر يقظى في لياليها

بناية الروح لا تهوي دعائمها
ما دام ربّك للإصلاح بانيها

والروح في القلب مرآة لنا أبداً
نرى بها من امور الدهر ما فيها

 ان تبسم الروح صفّقنا لها طرباً
او بغضب الله بلّلنا حواشيها

وأسرة المؤمنين اليوم واحدة
شلّت يمين الذي يبغي تلاشيها

تيقظوا يا بني الإيمان وانتبهوا
إن الليالي حبالى من عواديها

ولا تناموا على ذلِّ يلمّ بکم
فالذلّ للنفس قبل الفوز يضنيها

ممالكاً قد هدى أسلافكم قِدماً
فذكّروا الأنفس الحيرى بماضيها                           

هذي العجائب مجّدنا الإله بها
وقد رأينا الهدى يجلو دياجيها

نحن الأُلى قد شربنا من مناهلها
نظلّ نغــرف من صافي مجاريها

نمشي مع الله والإيمان رائدنا
وغاية الله لا ندري خوافيها

حتى نرى الموت يدنو من مراقدنا
وترجع النفس عطشى نحو باريها

فيا بني الله سيروا في رقادكم
وراقبوا النفس في أقصى مراميها

ولْيهتفِ الكلّ في وادي الحياة معي
يا خالق الكون أيّد روح “هاديها”

المؤمن الأول

1: “معجزات مؤسس العقيدة الداهشية ومدهشاته الخارقة”، دار النار والنور.

error: Content is protected !!