شهادات ومعجزات

   “صبري حمادة والدنانير الذهبية”

تمهيد

 يقول الدكتور الأديب غازي براكس في محاضرته “معجزات الدكتور داهش ووحدة الأديان”، والتي ألقيت في الجامعة الأميركية في بيروت بتاريخ 12 أيار 1970:

” كلّ مثقّف ثقافة علميّة صحيحة يعرف , كما أعرف , أنّ العالم محكوم بقوانين طبيعيّة ثابتة . فقانون الحركة وقانون الجاذبيّة , وقانون النسبيّة , وقانون حفظ الطاقة , وغيرها الكثير كلّها كائنة في الوجود , مذ الوجود كان . وكلّ ما يستطيعه العقل الإنساني هو أن يرفع الحجب تدريجيّاً عن القوانين التي ما تزال مستورة . لكنّ الإرادة البشريّة أيّة كانت لا تستطيع خرق القوانين الطبيعيّة . وهذه حقيقة يؤكّدها العالم الفيزيائي  الكبير ماكس بلانك الحائز جائزة نوبل و المكتشف نظرية الكوانتا، كما يؤكدها سائر العلماء. فنواميس الطبيعة لا تخضع لارادتنا، إذ إنها كانت موجودة قبل ظهور الحياة على الأرض، و ستبقى بعد زوالها.

لكني، على اقتناعي العلمي الراسخ بخضوع الارادة البشرية للقوانين الطبيعية، واستحالة وجود إيّ انسان يستطيع خرقها، كما العلم يثبت ذلك، فقد أتيح لي، في أثناء ملازمتي للدكتور داهش مدة سبع سنوات، أن أشهد، عشرات المرات، قوانين الطبيعة تخرق على يديه خرقاً ساطعاً. ذلك ما دفعني إلى تحرّ كبير، و تحقيق دقيق، و تثبت طويل، لم أترك في خلاله أي كتاب معتبر يبحث في الامور الخارقة إلا  جلبته و إن كان في موسكو أو واشنطن أو لندن أو باريس، ثم قرأته ونقدته.

 وقد شاهدت بعيني و لمست بيدي عشرات الخوارق، يصنعها الرجل العجيب أمامي و تبقى آثارها، بل يشاهد آثارها آخرون ممن لم يعرفوه و لم يجتمعوا به. لم أكتف بذلك، بل اجتمعت مع عدد كبير جداً ممن شهدوا خوارقه مثلي، و سمعت منهم مباشرة وقائع ما عاينوه، و نقدت ما رووه، و قابلته بما نقله غيرهم. ثم وضعت ما جمعت على محك العلوم الطبيعية و النفسية و الاجتماعية، و على محك الدين و المنطق، و من كل ذلك خلصت إلى النتائج التالية:

– إن ما يتم من ظاهرات غريبة على يدي الدكتور داهش هو خوارق و معجزات حقيقية، لا يمكن أن تصنف بين ألعاب

الخفة و الإيهام او السحر أو الفقر الهندي او مناجاة الارواح أو التنويم المغناطيسي. و ليس الدكتور داهش هو الذي يصنع تلك الخوارق، بمشيئته، لأن إرادته كإرادة أي إنسان خاضعة لقوانين الأرض التي فيها ولد. إنما يصنع تلك المعجزات قوة روحية غير أرضية،لا تخضع لقوانين عالمنا لأنها خارجة عنه، متفوقة عليه، و هذه القوة اتخذته وسيطاً روحياً و إناء مختار.

– إن الذي استدعى تجلي الروح و ظهور الخوارق في هذا القرن هو وضع العالم اليائس المأساوي و حاجته إلى منقذ. فالغاية إصلاحية روحية صرف، و هي إثبات وجود الروح و خلودها، و إثبات وجود الخالق و الثواب و العقاب، ببراهين حسية مادية يحتاجها عصرنا الحسي المادي.

– إن وحدة الاديان بمعناها الصافي العميق، و العودة إلى الإيمان النظيف الصحيح، والعيش حياة عادلة فاضلة هي النتيجة اللازمة لمعجزات الروح الراهنة، الحاجة الجوهرية لإنسان العصر.

 

وقد أوضح الدكتور داهش الغاية من حصول المعجزات والجلسات الروحية في عدد ٢٣ آذار ١٩٦٨ من مجلة “بروق ورعود” عبر التالي:

“إن البرهان القاطع الحاسم لوجود الروح وخلودها يلمسه كل انسان يحضر احدى الجلسات الروحية التي أعقدها. ففي أثناء الجلسة تتجسد روح يمكن أن يخاطبها المرء وتخاطبه من غير لبس أو غموض، وبقدرتها ان تحدث خوارق ومعجزات دلالة على وجودها. ولنفرض ان ساعتك التي تعرفها جيّدا” كانت في منزلك، وكان منزلك في أميركا، أوالصين أو القاهرة أو بيروت، فبعد المكان لا أهمية له على الاطلاق.

واذ ذاك يطلب حاضر الجلسة من الروح أن تحضر له الساعة. ويكون الجواب مدهشا” سريعا”، اذ أنه في أقل من ثانية يجد ساعته في معصمه. 

وهذا برهان ماديّ دامغ لا يمكن دحضه على الاطلاق. فاذا كان حاضر الجلسة مسيحيا” ترسّخ ايمانه بإنجيله، و اذا كان مسلما” ازداد ايمانه بما أنزل في القرآن الكريم, و اذا كان يهوديا” قوي ايمانه بتوراته, و هلم ّجرّا”. فالغاية من الجلسة الروحية اذن هي مساعدة الناس على العودة الى الايمان الديني بالتمرس بالخير والفضيلة. وهذا يعدّ انتصارا” للروح على المادة في عصر تغلّبت فيه المادة على الروح. و ليس الامر مقتصرا” على هذه الظاهرة فقط بل تحدث في أثناء الجلسة خوارق عديدة كل منها من شأنه أن يرسخ الايمان في قلوب الحاضرين لها.

 

   “صبري حمادة والدنانير الذهبية” (١)

 

 إبّان الإضطهاد الظالم والرهيب الذي تعرّض له الدكتور داهش في أربعينيات القرن العشرين في لبنان على يد الطغمة الحاكمة آنذاك، والمتمثّلة بالرئيس السابق بشارة الخوري، وزوجته لور شيحا، وشقيقها ميشال شيحا، وهنري فرعون وغيرهم، وبعد فشلهم في إستمالة أعضاء المجلس النيابي لإدراج قانونٍ جائر يقضي بمنع الظاهرات الداهشية الخارقة، وقد أُطلق عليه “مشروع قانون داهش”، عادوا يتوسّطون رئيس المجلس النيابي صبري حماده ، كي يعود فيقدم ( مشروع داهش ) ، ويعرضه في أول جلسة تُعقد في البرلمان .

 

 

لهذا أحب صبري بك أن يزور الدكتور داهش بنفسه ، كي يُتاح له حضور جلسة روحية . وقد وُعد بجلسة في صباح اليوم ، فأتى . وحضر جلسةً روحيةً شاملة مع من سيرد ذكرُ أسمائهم ؛ وهم :

صبري بك حماده رئيس المجلس النيابي ، والنائبان أديب الفرزلي ووديع الأشقر ، والأخ الدكتور فريد أبو سليمان ، والأستاذ الشاعر حليم دموس ، والدكتور نجيب العشي ، وبهيج بك الخطيب رئيس دولة سوريا السابق ، وفيليب أندراوس مدير شركة الريجي ، والسيدة زوجته ، والسيدة غوين زوجة قنصل أميركا ، والسيد جورج نجار ، والنائب محمد بك عبود عبد الرزاق نائب عكار وقرينته ، وخليل معتوق ، والشيخ حسن مكي من علماء الأزهر ، والأستاذ إدوار نون وقرينته ، والسيد صموئيل عبد الأحد ، وأنتوانيت شقيقة الدكتور داهش ، وبعض الإخوة الداهشيين.

وعقدت الجلسة الروحيّة . وفي أثنائها طلب صبري بك

حماده استحضار شيء يُفكّر فيه ولا يُعلنه . فقال له الدكتور داهش :

– علمتُ بما تُفكّر فيه . فهل تريد إحضار هذا الشيء الذي ترغب فيه بأكمله ؟ فإذا قلت : « نعم » ، فإنه يحضر للحال.

– فأجاب رئيس المجلس :

– كلاّ ، كلاّ ، لا أريده بأكمله ، بل أريد منه شيئاً كبرهان مادي.

فقيل له :

– إفتح كفّك .

ففتحها . ثم قيل له :

– أغلق كفّك.

ففعل . وإذ فتحها للمرّة الثانية ، وجد فيها خمسة دنانير ذهبيّة عثمانية. فدَهش .

وعندما سأله الحضور عمّا فكّر فيه ، قال إنه فكّر في صندوقٍ مخبوء في أيام الحرب الماضية ، وهو ، كما فهم ، مفعم بالدنانير الذهبية . وقد فكّر بأنه يُريد منه بضعة دنانير لا غير ، ليتأكّد من الأمر .

فقال له أحد الحاضرين :

– ولماذا لم تطلب استحضار الذهب بأكمله ؟

فأجاب :

خوفاً من أن يُوزّع على الجميع ، ولي فيه شركاء ، ولكنني نلت ، الآن ، بعض ما في الصندوق ، حسبما طلبت . وسأحتفظ بهذا المبلغ ، كي أرى هل يبقى أم إنه وهمٌ يزول بعد مغادرتي منزل الدكتور داهش .

 

“ونون والقلم” (١)

 

 

وبعد قليل ، انبرت السيّدة إيزابيل قرينة المحامي إدوار نون ، وقالت :

– منذ عدّة سنوات ، وقبل تعرّفنا إليك ، ذهبت برفقة زوجي إلى الجبل ، إلى جهات صوفر ، وتزحلقتُ معه على الثلوج ؛ وكان معي قلم حبر ثمين من الذهب ، ففقدته في أثناء رياضتي هناك . وأنا أعترف بأنني شاهدت ظاهرات عديدة ، وآمنت بها إيماناً عميقاً . ولكن ، إذا حَضَر قلمي الذي أضعته

أقول : إنّ عصر المعجزات قد عاد ، وأخشع للقدرة الروحية ولا أعود لأطلب المزيد .

 

وإذ طلب الأستاذ نون إلى الدكتور داهش استحضار القلم ، إذا أمكن ، ظهر القلم بين يدي زوجته بأسرع من مرور الفكر.

وهكذا انتهت هذه الجلسة الروحية ، وخرج صبري بك حماده رئيس البرلمان اللبناني وهو يقول : ” ما دمت رئيساً لندوة الأمة ، لن أقبل بتقديم ( مشروع داهش) المُجْحِف. إنَّ هذا لا يكون ، ولن يكون”.

 

(١): من كتاب “معجزات الدكتور داهش وظاهراته الروحية”
ماري حداد

error: Content is protected !!