كلُّ ما في الكونِ يسيرُ الى التلاشي ، والفناءِ ، والعدم ! فالأطيارُ الصادحةُ التي طالما شَدَتْ مُبتهجة ! والأزاهيرُ التي كانت تُكَلِّلُ هامة المروج ، مختالةً بألوانِها الزاهية ، معبّقة بأريجها الفوّاح ، وهي تترنّح تيهاً وخيلاء ، من تأثير مداعبة النسيم البليلِ لها ! . . والشمسُ المُرسِلَةُ وَهَجَهَا المُحْيِي إلى جميع قاطني الأرضِ من إنسانٍ وحيوان ! … والجداولُ ذات الأنغام الموسيقيّة المتناسقة ! والأنهارُ العظيمةُ وهي تهدُرُ بجلال، بينما مياهُها تسير مُسرِعة، مخترقةً الأجام والغاباتِ ، وهي تلتطمُ بالحصى ! والخِضمٌّ العظيم ، مبتلع عشراتِ الآلاف والملايين من بني البشرِ المساكين ! والغاباتُ في أدواحِها الباسقة ! والسهولُ الموغلة في الانبساط والاتّساع ! والجبالٌ الذاهبةُ صعوداً في عُرض الفضاء ! والأرض… بما حوَتْ من إنسانٍ وحيوان ، وهوامًّ ، وأزهارٍ ، وأطيار ، وكل ما تزخرُ به من كلِّ ذي نسمةٍ وحياة … سيكون نصيبُها الأفولُ والفناء ، والتلاشي والعَفاء ! … فما أشقاك … أيُّها الإنسان ! …
الدكتور داهش من كتاب أسرار الآلهة، الجزء الثاني بئر السبع، في ٦ كانون الأول ۱۹۳۳