أدب الدكتور داهش

العالمُ الفاني

 

 

كلُّ ما في الكونِ يسيرُ الى التلاشي ، والفناءِ ، والعدم !
فالأطيارُ الصادحةُ التي طالما شَدَتْ مُبتهجة !
والأزاهيرُ التي كانت تُكَلِّلُ هامة المروج ،
مختالةً بألوانِها الزاهية ،
معبّقة بأريجها الفوّاح ،
وهي تترنّح تيهاً وخيلاء ،
من تأثير مداعبة النسيم البليلِ لها ! . .
والشمسُ المُرسِلَةُ وَهَجَهَا المُحْيِي
إلى جميع قاطني الأرضِ من إنسانٍ وحيوان ! …
والجداولُ ذات الأنغام الموسيقيّة المتناسقة !
والأنهارُ العظيمةُ وهي تهدُرُ بجلال،  بينما مياهُها تسير مُسرِعة،
مخترقةً الأجام والغاباتِ ، وهي تلتطمُ بالحصى !
والخِضمٌّ العظيم ،
مبتلع عشراتِ الآلاف والملايين
من بني البشرِ المساكين !
والغاباتُ في أدواحِها الباسقة !
والسهولُ الموغلة في الانبساط والاتّساع !
والجبالٌ الذاهبةُ صعوداً في عُرض الفضاء !
والأرض…
بما حوَتْ من إنسانٍ وحيوان ،
وهوامًّ ، وأزهارٍ ، وأطيار ،
وكل ما تزخرُ به
من كلِّ ذي نسمةٍ وحياة …
سيكون نصيبُها الأفولُ والفناء ،
والتلاشي والعَفاء ! …
فما أشقاك … أيُّها الإنسان ! …


الدكتور داهش
من كتاب أسرار الآلهة، الجزء الثاني
بئر السبع، في ٦ كانون الأول ۱۹۳۳

error: Content is protected !!