الولادة العجيبة
بقلم الأستاذ الكاتب سامي واصاف
شعر طويل،
خصائل ذهبية تتلاعب بها هفهفات النسيم
أنامل ندية كزهر الياسمين،
لفتات نقية كبتلات السوسن،
تتدرج مع صديقاتها في أزقَّة القدس العتيقة،
كأنهن عرائس الغاب الفاتنات،
يُحِطْنَ بها وهي تُصعِّد الابتهالات فقد حباها الباري نبرةَ صوتٍ أَخَّـاذَة وَقَـفَـتْـها نذراًعلى الصلاة…
إنهنَّ في عرس الفرح، يُصَعِّدْنَ الـوَجْدَ إلى بارئ الأكوان،
في خِـضَّـمِ نَشْوَتِها وَطَـرَبِ أترابها، يحدث ما لا يخطر على بال ما لم تنظره عين
أو تسمع به أذن!
تُخْتطف، رَهَفْ، معشوقتهن الفاتنة، حورية المراعي، وتتعالى في الفضاء،
قوةٌ خفية مُقْتَدِرة رَفَعَتْها والدهشة تقطعُ انفاسَ ربيباتها وتختفي للحظات، ليعُدْنَ فَيَريْنَها بعد إحْتِجاب، ريشة طير من طيور الجنة تتهادى وتهبطُ على الطرف المقابل من الرصيف، عروسُ غابٍ خـلاَّبـة تجلسُ مُـتَكوِْمَةً على نفسِها، في حالة ذهولٍ ويداها على احشائها.
كأن اسطورة اختطاف أوروبا عن الشواطئ الفينيقيّة تتجدد مع “رَهَف” في أحد اَزِقَّة المدينة المقدسة.
وإذا بالماضي يتوالد ويكرر نفسه،
كما في قصةِ ديڤاكي والدة كريشنا، او حكايةِ مريم أم يسوع …
خلال الإختطاف المدهش يتراءى، لرهف، دون رفيقاتها، كائنٌ سماويٌ نورانيٌ يَشِعُّ بالطيب والجمال، يُحَلِّقُ بها دون ان يلمسها،
وإذا بشفتيه المقدستين تَتَقَطَّران حُزَماً نورانية بهية تَمُسُّ ثغرها ” الأحوى” وتَتَغَلْغَلُ في كيانها فتصبح جزءاً منها.
وإذا بصوت وكأنَّه عَزْفُ ناي، أو كأنه تَدَفُّق شلال مياه هادر، يُبَشِّرُ بمولود جديد سينبثق منها، وستكون أمه،
مولود سيكون له شأن عظيم،
يُصَـوِّبُ مسار الكوكب بعد انحراف،
ويرفع مستوى قاطنيه معرفياً وروحيا بعد انحدار،
اما العناية الإلهية فتكون له مشعـلاً،
يَمْنحَه إلْهامَ قواها السماوية وإرْشادَ قُدُّوسها العلي.
ويضيف الكائنُ النوراني الشفاف ان ما حصل الآن يفوق قدرتك على الإدراك وتعجزين عن استيعابه، انه، يا رهف، يشبه تحسين الأصول في عالم الزهور والنبات حين يُغرس في جسد الغرسة أصل متطور، فيكون عطاءً جديداً مميزاً ومؤثراً يخط حروف مستقبل مختلف.
ويعيدها ابن السماء بعد اختطافها إلى الْمَلَإ الأعلى، فإذاها تجلس صامتةً حالمة، على الطرف المقابل من الرصيف.
تتراكض صديقاتها اليها والدهشة تأسر ألبابهن ليَعْلَمْن الأمر العجيب والسر الغريب.
أما هي فساكنة ذاهلة صامتة…
وتَتِمُّ أشْهُرُ الحَمْل،
وفي احدى السنوات المباركة، وفي الأول من حزيران من احدى تلك السنوات، تشهد مدينة القدس ولادة طفل عجيب مدهش، ستكون سيرته، سيرة الأنبياء والمصلحين، ويلاقي ما لاقوه من صنوف الأذية والإضطهاد…
يؤدي دوره كاملاً بكل شجاعة وإصرار في احداث التقدم الروحي الأخلاقي في الكوكب الذي أُرسل اليه والذي ستظهر نتائجه في المواقيت المعلومةِ المحدَّدة
وفي منتصف عّقْده السابع وقد أتمَّ مُهِمَّتَه ترجّـل عن جَـوادِه وامتطى قارِبَـه السماوي وَرَحلَ كَما أتى …
The following video was posted on Saturday June 1st, 2025