سرديّات داهشيّة
المقطع الأول: نور ونار
أَطلَّتْ نَجمةٌ تَفْري الضّبابا
وتَبني للعُلَى جِسراً و بابا
وهبَّتْ خيلُها كالرّيح صبحاً
حباها اللهُ حبّاً أو ثوابا
وأرسَتْ في المدى شطّاً وفلكـاً
وكان البحرُ ضوءاً أو سحابا
وطافَتْ مقلتاها في الروابي
تمدُّ الغيمَ مدّا واجتذابا
وأمسى الأفق مرسى داهشيّاً
وأسنى البرقُ ناراً أو شهابا
رأينا مُدْهِشَ الإعجاز وجها
أنارَتْ لفتةُ الوجه الكتابا
أيكسرُ ظّلُها مجرى السّواقي
ويسمو الماءُ جذباً واجتلابا
وكان الوحي نهراً داهشيّاً
أيسقي ماءُ كفيّه الشّعابا ؟
كأنّ البوحَ فجرٌ قد تـراءى
يلمُّ الزّرع طيباً اوخصابا
تهزُّ الرّيـح أغصانَ التآخي
وتمضي في الذُّرى تعلو الهضابا
أليس العدلُ سيفاً في سماه؟
يحاكي البرقُ لمعاً والتهابا
وأضحى الصوت سيلاً داهشيّـاً
يشقُّ الأرض صدعاً وانقلابا
وقال: رسالتي نورٌ ونارٌ
تؤاتي الدّهرَ منحاً أو عقابا
– المقطع الثاني: برق و رعد
وفاحَتْ باقةُ الأسماء طيباً
وبثّ الطّيْبُ نهراً مُستطابا
وألقى الدَّاهشُ الآتي عصاه
أليسَ الضوءُ بَوحاً حين آبا؟
وكان الوجدُ مَجْداً في مداه
أليسَ العشقُ ذوقاً حين طابا؟
أما يمشي الصّباح على خطاه؟
ويرمي الحبّ سهماً قد أصابا
وأطلقنــا الشراع على هواه
وألقينا على المرسى خطابا
إلهي! أنت للأشجار فيء
ملأْتَ الكون أثماراً رطابا
جعلْتَ الدّوح للأطيار ظلاً
كأنّ سماءها تعلو سحابا!
إلهي أنتَ للأحرار دوحٌ
تراءى للذرى أجماً وغابا
إلهي أنتَ للأنسام فُلْكٌ
تهادى سارياً يَفري صعابا
وكان الظلُّ رمحاً في ذراه
يشقُّ الرّيحَ عصفاً أو هبابا
وقلْتُ: رسالتي برقٌ ورعدٌ
تهزّ السّيفَ عدلاً واحتسابا
د. علي محمود جمعة