دراسات وأبحاث

عودة المسيح

 

الجزء الأول:

بدايات النبوَّة

 

يقول الدكتور غازي براكس:” بعدَ تكوين آدَم من جرَّاء سُقوط رهطٍ من السيَّالات الملائكيَّة في تجربة الحرِّيـَّـة والمعرفة، أصبحَ مُتعذِّرًا على تلك السيَّالات الروحيَّة الهابطة، السَّجينة في شكلٍ مادّيٍّ  بشَريّ، أن تتغلَّبَ على تجارب الأرضِ الكثيرة ومُغرياتِها القويَّة بمُجَرَّد وَعيِها وجُهدِها الذاتيَّـين، من أجلِ أن تستعيدَ درجاتها الروحيَّة التي فقدَتها.”

ومن باب الثواب والعقاب، ووفقَاً للنواميس الإلهيَّة التي أوجدَها ﷲ، وتبعًا لنظام العدالة الروحيَّة التي تضبط وتتحكَّمُ في كلَّ ما دون الله والتي تُعبِّر عن إرادةٍ إلهيَّةٍ حكيمة ورحمة شاملة لإستمرارية الكون وتوازنه. حجَبَت العناية الإلهيَّة بصائر تلك السيَّالات، وحلَّت عليها ظلمات الجهل، وبهَتَ فيها نور المعرفة والفهم العميق لأسرار الكون والحياة، وضَؤُلَ إدراكها لكشف الحقائق الروحيَّة، حيثُ كانت راتعةً في فراديس النَّعيم.

وبين العدل والحكمة، تتجلَّى رحمة الله في الكون لتجعل من الحياة فرصةً تمنح الإنسان أملاً وصبراً وقوَّةً في مواجهة الإغراءات والتحدِّيات للعودة الى أصل النَّفس في سموِّها. يقول في كتابه العزيز، سورة النحل، الآية 18: “وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ”. وشاءت الرحمة الإلهيَّة أن تنظر بعطفٍ الى جميع من هبطوا الى الفردوس الأرضيّ، لذلك كان لا بُدَّ من ضرورة التدخُّل الإلهيّ بإرسال كائنٍ روحيٍّ سامٍ يضطلع بمُهمَّة الفداء والخلاص ويتحمَّل العذاب والآلام من أجل إفتداء السيَّالات الساقطة التي كوَّنت آدم، ويتطوَّع لإنقاذها من براثن الفناء والضياع، ويمنحها القوَّة والإرشاد حتى تُصبح جديرة بالعودة الى عوالم الفراديس.

وبعد أن أذِنَ ﷲ تعالى لسيَّالات المسيح الإله والمُخلِّص بالهُبوطِ والاندماجِ بآدَم قبل أن تجسده المشيئة الالهيَّة في الأرض. ومن سيَّالات آدم كانت حواء،  وكانت تجربةُ الحرِّيـَّة والمعرفة مرَّةً ثانية، فكسر الوصيَّة وسقطَ في الامتحان، فحُكم على جميع السيَّالات بالهبوط الى الأرض مجتمعة في كيانٍ بشريٍّ هو آدم،.. ومن الاثنين تناسلت البشرية الجديدة…  ومعهم سيَّالات المسيح الفادي الذي أخذ العهد على نفسه بإنقاذهم من عوالم المادَّة الى عوالم الرُّوح،… وطُرِدوا بأمرٍ إلهيّ من الفردوس الأرضي الى عالم الأرض، عالم الشقاء والبلاء، حيثُ يتجلّى الضُّعف الإنساني في أبشع صوره خوفاً وقلقاً وحزناً ويأسا.

وهكذا نرى السيَّال العشرين والسيَّالات التابعة له قد اندمجت بمليارات السيَّالات الهابطة من عوالمها الفردوسيَّة في شخص آدم، فكان الضمير الحيّ والسيَّال الأسمى والنَّبي الخفي، يحثُّ تلك السيَّالات على إلتزام الوصايا الإلهيَّة، والعمل على هدايتها لإنقاذها من المُعاناة الروحيَّة والنَّفسيَّة الهائلة، وتتجاوز آلام الجسد لتصل أعماق الرُّوح.

ومن جرَّاء سقوطها واتِّحادِها بجسمٍ بشريّ، أصبحَت خاضعةً للقوانين الطبيعيَّة التي تحكمُ الأرضَ وما ومَن عليها، ومُعرَّضةً لجميع التَّجاربِ البشريَّة، ومسؤولةً عن أعمالِها وأفكارِها ورغَباتِها بصِفَتِها جزءًا روحيًّا من آدم. ومن بعده أُرسِلَت الى الأرض وانبثَّت في الأنبياء والمُرسلين والهُداة والمُصلحيين الروحيين، لنَشر المحبَّة والفضيلة والقِيَم الإنسانيَّة السّامية بين الناس، بُغيةَ ترقيـتِها واجتذابها إلى عوالم الفراديس ثمَّ العوالم الروحيَّة. والله جلَّ جلاله لا يُعذِّبهم إلاَّ بعد أن يُبيِّن لهم الحقّ ويأمرهم بالصلاح. يقول تعالى في القرآن الكريم، سورة الأنفال، الآية 33 :”وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ”.

هذا السقوط أعقبه توبة آدم، آدم السيَّال العشرين، إعترف بذنْبِهِ والتزم تعاليم ربّه وطلب المغفرة، وهو من رضِيَ بإرادته الحرَّة أن يتحمَّلَ العذاب والآلام من أجلِ افتِداءِ سيَّالاتِ آدَم الهابطة وإنقاذِها، حيثُ كان في الدائرة النورانيَّة العُظمى التي تُتوِّجُ عوالمُها عوالمَ الفراديس كلّها، وحين أحجمت جميعُ السيَّالاتِ العُلويَّة عن التطوُّع للقيامِ بمُهمَّة الفِداء والخلاص المعروضة عليها تهيُّـبًا من المصير الأليم والشَّقاءِ العظيم، بعدَ رُتوعِها في جنَّاتِ النَّعيم. وكان الله غفوراً رحيما. فتاب عليه، وكان له العودة الى الفراديس الإلهيَّة على أن يُكمِل مهمَّته الأساسيَّة بإنقاذ السيَّالات الروحيَّة الساقطة من عوالمها الفردوسيَّة. قال تعالى: “فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ” (البقرة: 37). وهكذا يكون أسمى سيَّال من سيَّالات المسيح الإله التي أُرسِلَت إلى الأرض وجميع السيَّالات المُنتمية إليه، سيَّالاتٌ نبَويَّـةٌ حلَّت في مختلِف الرُّسل والأنبـياء والهُداة والمُصلحين، وتـنـتمي إلى الروح الإلهيَّةِ العُظمى.

وانطلاقاً ممَّا تقدَّم، ومن مبدأ الرحمة الإلهيَّة، جوهر الوجود الإلهي، حيثُ تتجلَّى مظاهرها في السموات والأكوان والأرض وما بينهما من مظاهرِ الوجود والحياة والكائنات، معروفها ومجهولها. ومن مبادىء الحقيقة المطلقة، المُتمثِّلة بالمحبَّة والحقّ والخير والجمال، أساس كينونة الله عزَّ وجّلّ، كان لا بُدَّ من إعطاء البشر بعضاً من المعرفة الروحيَّة عن الواقع والذات والكون حسب القدرة الإستيعابيَّة لهم ضمن إستحقاقاتهم، ولفهمٍ أعمق وخيالٍ أوسع  وإحساسٍ أكبر كي يستنيروا بها في رحلة الوجود، ممَّا ينعكس إيجاباً في السلوك الإنساني، ويدفع قُدُماً نحو التطوُّر الحضاريّ.كان لا بُدَّ من رُسُلٍ وأنبياءٍ وهداةٍ ومُصلحين حقيقيين، وفي أزمنةٍ مُختلفة ومُجتمعات مُتباعدة لهداية البشر، يدعون للإيمان بالله واليوم الآخر، ويحذِّرون من عواقب عصيان النواميس الإلهيَّة، بإيصال التعاليم الإلهيَّة المنطوية على فهمٍ عميق للقوانين الروحيَّة، وتوجيهاً للسلوك البشريّ بإرشادهم الى طريق الحقِّ والخير والنور واليقين، وإخراجهم من الظُّلماتِ وجهل الأمور الروحيَّة، والوقوف ضدَّ الظُّلم والإستغلال، وكيفيَّة التعاطي بين الإنسان وأخيه الإنسان بعيداً عن أصله وجنسه ولونه بتعزيز التعاطف والرحمة فيما بينهم، وبناء مُجتمعاتٍ عادلة تقوم على مبادئ الأخلاق والقيم الإنسانيَّة النبيلة، كما لتحقيق العدل والمساواة بين الناس والخلاص في الحياة الدُّنيا والآخرة،.     

فالتزام تعاليم الله عزَّ وجَلّ، والتقيُّد بوصاياه يؤدّي قطعاً الى مسارٍ مُختلف، فيه إجتنابٌ للشقاء والألآم، وتباعدٌ للمصائب والعواقب السلبيَّة وانزياحٌ للمُعاناة. يقول تعالى في سورة الطلاق، الآية 2-3 :” وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ .” بل وأكثر من ذلك، أنَّ هذا الالتزام يُعطي الإنسان طمأنينة نفسية، قوة روحية، وقيم أخلاقية تساعده ليس فقط بالعودة الى الجنَّة، بل حتى الى سماء السماوات.

 

حتميَّة عودة السيِّد المسيح:

من الأركان الأساسيَّة في الديانة اليهوديَّة مجيء المسيح كقائدٍ من نسلِ داوود، يُعيد تأسيس مملكة إسرائيل، يجمع الشتات، يُعيد بناء الهيكل في القُدس، ويجلبُ السَّلام. ولأنَّ المسيح عيسى بن مريم لم يظهَر فى صورة ملك يُعيد إليهم سلطانهم الدُّنيويّ، يُرجِعُ سطوتهم، ويُحقِّق خلاصهم من العبوديَّة بعد تشتيتهم، أنكروه وأضطهدوه. وعليه، فاليهود في إنتظارٍ دائم لظهوره.  

بينما تؤمن المسيحيَّة بأن المسيح قد جاء الى العالم ليُحقِّق الخلاص الذى تنبأ عنه أنبياء العهد القديم ويعيد الإنسان مرة أخرى إلى الفردوس بعد سقوط الإنسان الأول في الخطيئة. عانى آلام الإضطهاد، صُلِبَ ومات، ثمَّ قام من بين الأموات. ولما لم يحدث الخلاص هذا في الوقت الذى كان فيه بين الناس، رفعه الله للسماء حيَّاً، وهكذا ينتظرُ المسيحيون عودته كي يُكمل رسالة السلام التى بدأها.

أمَّا الإسلام فيعتبر عيسى بن مريم نبيَّاً ورسولاً عظيماً، يُلقَّبُ بالمسيح، وُلِد من أمٍّ عذراء وأجترحَ المُعجزات. لكنَّهم لا يؤمنون بصلبه وقتله، بل يؤمنون بأنَّ الله رفعه الى السماء ليعود الى الأرض في آخر الزمان، وهي من علامات السَّاعة الكبرى، يُساعد المهدي في إقامة العدل وهزيمة الدجَّال.

وهكذا تكون الديانات السماويَّة الثلاث قد أجمعت في كُتُبِها المُقدَّسة على حتميَّة مجيء أو عودة السيِّد المسيح في آخر الزمان، بناءً على آياتٍ بيِّنات وردت فيها،  ليؤسِّس ملكوته على الأرض بعد أن أسَّسه في السماء،. تدعم ذلك أحاديثٌ لاهوتيَّة، تؤكِّدها التفسيرات والمُعتقدات وإن اختلفت الآراء والقناعات فيما بينها. لكنَّها من المُسلَّمات التي لا يُمكن المساس بها بين الناس.

أمَّا في الفكر الداهشيّ، المبنيّ على الوحي الإلهيّ الذي خُصَّ به الدكتور داهش مؤسِّس الرسالة الداهشيَّة مؤيَّداً بمُعجزات روحيَّة لا لُبس فيها ولا غموض. هذا الوحيّ وهذه المُعجزات شَهِدَ لها المؤمن والمُلحدُ على السَّواء، وإن اختلفت التفسيرات والتسميات. وعليه نبني دراستنا هذه من مُنطلق أنَّ المعرفة الروحيَّة تتفوَّقُ على المعرفة الماديَّة، تتجاوز ثنائيَّة العقل والمادّة وما بينهما من تناقضات. أضف الى ذلك أنَّ إدراك الإنسان للواقع وفهمه مرتبطٌ بمستوى وعيه الفكري والعلمي والزمن الذي يعيش فيه، وما وصلت إليه البشريَّة من علمٍ وعلومٍ وحضارة. فالمعرفة البشريَّة بناء تراكمي  يعتمدُ فيها اللاحق على السابق، كما على مصدر المعرفة والموضوع والغاية. بينما المعرفة الروحيَّة تعكسُ أبعاداً من الوجود، لا يُمكن للعقل الماديّ أن يُدركها، تتجاوز حدود الزمان والمكان، والموضوع والذَّات، ولا تخضع للنظريَّات والأبحاث والإثباتات والتراكُمات، ولا تضاربَ في الآراء والبيانات. بل هي عملية إزاحة للحُجب المعرفية التي تُعيق رؤية حقيقة كامنة كاملة، تفتح آفاقًا للتساؤل عن الغاية والهدف والمعنى، فيها القول الفصل، بها يَقُلْ للشيء كنّ فيكون بإذن الله عزَّ وجَلّ. هذه المعرفة وحيٌّ يوحى، فيه تتنزَّلُ الملائكة والرُّوح فيها بإذن باريها، تُعلِّمُ الإنسان ما لم يعلم، وهذا ما لا يتمُّ ولن يتمُّ إلاًَّ من خلال الأنبياء. وعليه يقول الله تعالى في القرآن الكريم، سورة غافر:” رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15). مع الأخذ بعين الإعتبار بأنَّ المعرفة الروحيَّة في طبيعتها الذاتيَّة غير قابلة للتحقُّق التجريبي، وبالتالي تكمن فيها صعوبة فهمها. فما يراه شخص كحقيقة روحية عميقة، قد يراه آخر مجرَّد هلوسة أو وهماً ناتجاً عن عمليات دماغية.

والرسالة الداهشيَّة ليست نظريَّاتٌ تتعلَّق بالغيبيَّات، إنما هي حقيقة غير قابلة للإختزال، تطالُ جميعَ الميادين التي تطالُها الفلسفةُ والعلومُ الإنسانيَّة، من غير أن تكون فلسفةً أو علماً، لأنَّ مبادئها الأساسيَّة مُوحاة أو مُلهمة، ولا علاقة للإجتهاد العقلي بها. تجعلُ من العيش الإخلاقيّ طريقاً الى الإدراك الرُّوحيّ، ممَّا يؤدي إلى تقاربٍ وجوديّ، حيث يكون فعل المعرفة فعلًا من أفعال الوجود. هي الحقيقة الروحيَّة العُظمى المُنزلة من عالم الرُّوح الطاهر كتجلِّياتٍ مُختلفة لجوهرٍ روحيٍّ واحد الى أبناء الأرض المساكين في القرن العشرين.

وعليه،  فإنَّ عودة السيِّد المسيح في الفكر الداهشيّ حتميَّة، ولا مجال فيه للتأويل والتخمين، والدكتور داهش يؤكِّد ذلك في كتاباته وأقواله. كما أنَّ آيات الله التي تُشيرُ الى ذلك في الكُتُبِ المُقدَّسة واضحة وضوح الشمس في رابعة النَّهار. حسبي أنَّني لن أخوض في إنتظار اليهود للمسيح والتي تُشكِّلُ أساساً من المُعتقد اليهودي، حيثُ يجمع شملهم، يُعيد بناء الهيكل المُقدَّس، ويملىء الأرض سلاماً وعدلاً. من مُنطلق أنَّه أتى ولم يعرفوه، بل فعلوا به كلّ ما أرادوه.

ونحنُ إذ نتحدَّث عن عودة السيِّد المسيح، نتحدَّثُ عن الخلاص الآتي في شخص السيِّد المسيح، ولا بُدَّ من الإشارة الى الآيات التي تؤكِّد عودته بغضِّ النَّظر عن الإختلافات في التفسيرات والمفاهيم. ففي إنجيل يوحنَّا 16: 12-13:” قال يسوع لتلاميذه: “لا يزالُ لديَّ أشياءُ كثيرةٌ أقولُها لكم، ولكنَّكم لا تُطيقون الآن حَمْلَها، فمتى جاءَ روحُ الحقّ، أَرشدَكم إلى الحقّ كلّه…” هذا الحوار مع الزمن، حيثُ الحقيقة لا تتغيَّر، يكشف عن عًمق المعرفة الوجوديَّة ومحدوديَّة العقل البشريّ. فالحقيقة الروحيَّة ليست مُجرَّد معلومات تُنقل، بل هي في أساسها تطوُّرٌ فكريٌّ روحيّ، وتفاعلٌ بين الوجود والإدراك، يتجاوز العقل المحض، لإعادة تشكيل الوعي الإنساني الذاتي وعلاقته بالواقع لتصبح الوعاء المناسب لاستقبال معرفة السماء بعمق. فالمعرفة الروحيَّة لا تُعطى مجاناً، فتأديب النَّفس الأمَّارة بالسوء ومُجاهدتها والتزام القِيَم الأخلاقيَّة التي هي جزء لا يتجزأ من هذه المعرفة. وهذا ما لم يكن في تلامذة المسيح، ولهذا لم يستطيعوا حمل أشياءه الكثيرة، وهو ما يتطلَّبُ زمناً وحركة روحيَّة عبر تفاعل الجماعة مع الرُّوح عبر العصور. كما أنَّ الإنسان الذي تُكبِّله القيود الماديَّة والطبيعيَّة، لا يُمكنه إدراك الحقائق الروحيَّة بذاته، فهو ما يزال عاجزاً عن معرفة الكثير ممَّا في عالم الأرض والمُحيط به في الكون الماديّ. ومن طبيعة الناموس الإلهيّ أن القدرة الموجدة يجب أن تكون الحقيقة النهائيَّةَ المُطلَقة الشاملة الكاملة، ولمعرفة الأشياء وجِبَ الإحاطة بأسرارها، والإنسان ما زالَ في الدرجات الأُولى من مِعراج المعرفة الكونيَّة التي تبدو لانهائيَّة. لذلك كان الأنبياء كوسطاء روحانيين يتلقّون الوحي الإلهيّ عن طبيعة الله والكون والوجود والمصير ما بعد الموت، ونقله الى البشريَّة، مُخاطبون النَّاس بألسنتهم وعقولهم وحسب استحقاقاتهم، وبما يرتبطُ بتجارب الإنسان المتغيرة.

لكنَّ ضباب الآن ستكشفه رؤية الآتي، ف روحُ الحقّ سيُرشِدكم الى الحقّ كُلَّه. بعد أن يكونَ تلامذة السيِّد المسيح قد أحدثوا التحوُّل النوعي في الوعي والكينونة، وبذلوا الجهد الرُّوحي المطلوب لإستيعاب الحقائق الروحيَّة، وهذا ما يُشيرُ بكلِّ وضوح الى مفهوم التقمُّص. فالناموس الإلهيّ إنعكاسٌ لصفات الله عزَّ وجَلّ، مبدأ كونيّ، مشروعٌ وجوديّ، حكمةٌ إلهيَّة، عدلٌ شاملٌ كامل، ونظامٌ أخلاقيٌّ معرفيٌّ كُليّ، يحكُمُ الوجود بأسره، يهدف الى تحقيق الخير الأسمى والنظام الأمثل. ومن مفهوم  الله للثبات والإستقرار كان القانون الإلهيّ واحد لا يتغيَّر، يُقدّم رؤية شاملة للإنسان والكون، ومصدراً للمعرفة والحقيقة المُطلقة، يُشكِّلُ معياراً أساساً للحكم على الأفعال والمفاهيم، وبوصلة الحق والنور واليقين والجمال والخير تُهدي قلوب التائهين في خضَّمِ السموات والأرض وما بينهما، تشمل عوالم الأرواح والمادَّة وحتى الجحيم وما فيها وبينها.

يقول سيِّد المجد:” لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ، إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي، وَلكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ.” (يوحنا 16: 7). وهذا الإنطلاق لا يعني الموت، بل رفعةٌ وإنتقال الى بيت أبيه السماويّ، الى العالم الروُّحيّ الخالد، حيثُ يمضي ردهاً من الزمن ليعود ثانية. وما المُعزِّي إلاَّ سيَّال المسيح عيسى بن مريم، ولكن في زمنٍ آخر وبإسمٍ آخرٍ يعود، مؤكِّداً ذلك في قوله: ” قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا بِأَمْثَال، وَلكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ حِينَ لاَ أُكَلِّمُكُمْ أَيْضًا بِأَمْثَال، بَلْ أُخْبِرُكُمْ عَنِ الآبِ عَلاَنِيَةً.” (يوحنا 16: 25). وعليه فإنَّ ما ينطبق على المسيح ينطبقُ على تلامذته، لا بل على كلّ الكائنات المعروفة والمجهولة كُلَّها بحسب المفهوم الروحيّ.

يقول الدكتور غازي براكس: ” طالَما سمعتُ مُؤَسِّسَ الداهشيَّة يقولُ لنا أو للزائرين مُعرِّفًا بكيان الإنسان ما فحواه: قِوامُ الإنسان روحٌ وسيَّالاتٌ وجسَد. فالروحُ نفثةٌ إلهيَّة لا تُداخلُ المادَّةَ إطلاقًا، ولا يُمكنُ أن تحتلَّ جسدَ الإنسان. وعالَمُها عالَمُ الحقيقةِ والخيرِ والجمال، عالَمُ السعادةِ والمعرفةِ والقدرةِ والطهارة، عالَمُ الخلودِ المُتخطِّي للزمان والمكان ولِما يُرافقُهُما من تحوُّلاتٍ ومُنغِّصات. ومن الأرواح انبثقَت سيَّالاتُ الأكوان، معروفِها ومجهولِها، ومنها سيَّالاتُ الإنسان. فالأَرواحُ مصدرُ كلِّ سيَّالٍ وهي مَعادُه”.

فالداهشيَّة تؤمنُ بأنَّ السيَّالات الروحيَّة التي هي نسيج الكون وقوام كائناته لا تُفنى، تُشكِّلُ أبعاد الإنسان الروحيَّة خارج العالَم الروحيّ، وهي التي تخضع للتقمُّص بفِعلِ استحقاقها المَبنيِّ على أَعمالها ورغباتها المُختارة، حيثُ المقرٌّ المؤقَّتٌ لآجلٍ زمنيٍّ مُسمّى، تُعاني فيه المِحَن والتجارب التي تستحقّها حسب درجتها الروحيَّة. وهذا المقرُّ الماديُّ أشبه بسجنٍ يحدُّ من قدرتها ومعرفتها وراحتها، تُمضي فيه الزمن الذي تُحدِّدُه المشيئةُ الإلهيَّةُ وفق استحقاق تلك السيَّالات.. والتقمّص رحمة الهيّة اتيحت للانسان لتهذيب نفسه ، فلا يسقط في تجربة الشرّ . وفي كل ولادة يتحمّل نتائج الماضي. وعليه أن يقهر التجارب الدنيويّة التي لا بدّ من اختبارها، حتى يستفيد فائدة روحيّة.

ونتيجةً للعدالة الإلهيَّة، فإنَّ قُضاة الله ماثلون وعلى بيِّنةٍ مما نُدِبوا للقيام به، إذ وهبهم الله المعرفة، ومدَّهم بالحكمة. ولكلِّ امرىءٍ سجل خاص به يُحصي عليه جميع أعماله ورغباته وأفكاره، بل أدقَّ حركاته وتصرُّفاته، لا شيءَ بمغفولٍ عنه، آخذين بعين الإعتبار جميع تقمُّصاته ومساراته بها،، يُقارنون بينها، ويتحرَّون التحسُّن في سلوكه. مُنصفين في حكمهم المُبرم. منهم من يُرسلون الى النَّار المُتقدة، يُكفِّرون فيها عن آثامهم، قبل أن يُتاح لهم فرصة الولادة على الأرضِ ثانيةً. ومنهم من يُحكمُ عليهم بالعودة مُصابين بالعاهات، بائسين، والعدالة الإلهيَّة تقضي بأن يَلقى كلُّ سيَّال تجسُّدًا يُناسب درجة استحقاقه. الم يقل السيد المسيح للمقعد : ” قم . لقد غفرت لك خطاياك. لا تعد الى الخطيئة لئلا تصاب بأسواء “؟ ! .يوحنا 5.

في الفكر الداهشيّ، أنَّ العدالة الإلهيَّة لا تعرفُ الخلَل، لأنَّها كاملة وهي دائماً وراء الأحداث وفق نظامٍ إلهيٍّ شاملٍ وسببيَّة روحيَّة يستحيلُ على الإنسانِ إن يُدرِكَها، مبنيَّة على الإستحقاق البشريّ. وتؤكّد أنَّنا لسنا ضحايا الظروف والصُّدَف. ويكون الإنسان نفسه سبباً لعقابه أو ثوابه، حيثُ تجعل العدالة الإلهيَّة كلَّ شرِّير مؤذٍ مُصابًا بسيَّال شرِّه وأذاه في دورة لاحقة. يقول الدكتور داهش:” أنا أؤمن بأنه توجـد عدالة سماويّة , وأن جميع ما يصيبنا في الحياة الدنيا من منغِّصاتٍ أنَّ هـو الاّ جـزاء وفاق لما أجترحناه في أدوارنا السابقة من آثـام وشـرور .ولهـذا يجب علينا أن نستقبل كلّ مـا يحـلّ بنـا من آلام الحياة ومآسيها غير متبرّمين ولا متذمّرين , بل قانعين بعدالة السماء ونظمها السامية.”

كذلك يقولُ في مقدّمة الجزء الثاني من “قِصَص غريبة وأساطير عجيبة”:مِن المؤكَّد أنَّ [الإنسان] لا يستطيع أن يكون سلوكُه مثاليًّا إذْ إنَّ دنيانا حافلة بشتَّى المُغريات التي تُسقطُه في أشراكها التي لا ينجو منها ناجٍ. فالمرأةُ له بالمرصاد، تستهويه فيندفع في خِضَمِّ الشهوات العارمة، وحبُّ المال يُكبِّلُه بكبوله التي لا تُقاوَم فيستعبدُه، والعظمة، وحبُّ الوجاهة، والكبرياء الخ… جميعُ ما ذكَرتُ تقودُه إلى مهاوي الهلاك المؤكَّد”.

في الفكر الداهشيّ، لا ينتهي سقف الإرتقاء الروحيّ بولوج جنَّات النعيم والفراديس الإلهيَّة، وإنَّما بالإندماج بالقوَّة الموجِدة، أساس فَصْلِ إله الآلهة عن ذاته أرواحاً على مِثاله. وبالتالي فالحياة المُستمدَّة من سيَّالات الأرواح الإلهيَّة خالدة، لأنَّ جوهرها من لدُن الله عزَّ وجَلَّ. وعليه، وكي لا يضيق الإنسان صبراً على مشاكل الحياة ومآسيها، ومللاً من التغلُّب على ميوله الدنيويَّة ونزعاته الشرِّيرة،  ويأساً من الارتقاء الروحيّ الذي يؤَهِّله لولوج عالَم الكمال، عالَم الأُلوهة.كان التقمُص.

وهكذا، فإن دورات التقمُّص التي بدأت بكلمة منه لا تنتهي إلاَّ بالعودةِ إليه.

ومن الضروريّ الإشارة الى أنَّ الداهشيّة تؤمنُ بأنَّ الأرض مرّت في أدوار تكوينيّة كثيرة كانت الحياة تندثر فيها لتعود فتنتشر مجدّداً . هذه الأدوار التكوينيّة الحضاريّة تبلغ ، حسب الوحي الروحيّ الداهشيّ ، 760 دورا استغرقت عشرات الملايين من السنين ، وهي الأدوار التي سبقت دورنا التكوينيّ الحاليّ الذي بدأ بنوح . كلّ دور ينتهي عادة بالوصول الى درجة عالية من التقدّم العلميّ والتكنولوجيّ ، وبظهور رسالة روحيّة جديدة تكون البداية لدور آخر. وآدم الذي يُشار اليه في سفر التكوين سبقته عشرات من تجسّداته في الأدوار التكوينيّة السابقة .

أمَّا عن عودة السيِّد المسيح في الإسلام، ورغم أنَّ المُسلمين يؤمنون بأنَّ النبيّ مُحمَّد هو خاتم النبيِّين والمُرسلين في وصفٍ صريحٍ كما جاء في القرآن الكريم:” مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ.” (سورة الأحزاب: ٤٠). إلاَّ أنه أشار بشكلٍ واضحٍ وقاطع الى عودة المسيح عيسى بن مريم. فالآية الكريمة ” وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ.” (الزخرف: 61)، فالأداة ” أنَّ ” التوكيديَّة واللام في كلمة (لَعِلْمٌ)، تُشدِّدُ على حقيقة النَّص وتُضفي قوة على المعنى بأن ما يُشار إليه هو دليلٌ لا شكَّ فيه. وكلمة “عِلْمٌ” هنا، لا تعني مجرَّد “إشارة” بمعناها البسيط، بل دليلٌ قاطع تحمل في طيَّاتها أبعاداً للمعرفة الكونيَّة على موعد إقتراب السَّاعة ويُبرهن على حقيقة كبرى.كما تأتي بعد ذكر قصَّة عيسى عليه السلام في (الآيات 57-60) من السورة نفسِها، وهذا ما دفع مُعظم المُفسِّرين الى تحديد المقصود بالضمير يعود على عيسى بن مريم. وما يدعم الآية القرآنيَّة آنفة الذّكر، حديثٌ نبويٌّ شريف صحيح وَرَدَ في صحيح مُسلم يقول:” وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ…”. فهما يتكاملان عقائديَّاً في إثبات حقيقة نزوله، ويُزيل الشكوك حول حقيقة الساعة والبعث.

وبعيداً عن تفسيرات رجال الدين الحرفيَّة والمحدودة لِما فوق إدراكهم، ألمع القرآن الكريم في الآية الكريمة من (سورة البُروج: 1-3): “والسماءِ ذاتِ البُروج، واليومِ الموعود، وشاهدٍ ومشهود.” الى اليوم الأخير كذروةٍ وجوديَّة، تُعادُ فيه صياغة كلِّ ما كان وما يكون. وممَّا لا شكَّ فيه أنَّ الشاهد هو كيانٌ إلهيٌّ يتجسَّدُ في صورةٍ ملموسة مرئيَّة، ليُعلن عن الحقائق الروحيَّة الغائبة عن الإنسان والإنسانيَّة. ليكون سيّد المجد شاهداً للفصلِ بين الحقيقة والوهم، وبداية الوعي الإنسانيّ على الحقائق الروحيَّة بعيداً عن القِصص والأمثال. وإدراك العقل حقيقة الوجود كوحدة مُتَّصلة، يُشكِّلُ نهاية رحلة البحث وبدايةً لمفاهيمٍ جديدة تُبنى على أساس المحبَّة والوحدة، بعيداً عن لغة المُعتقدات والعصبيَّات.

  وعليه، أذا كان الشاهد هو المسيح العائد، فلا بُدَّ للمشهود أن تكون الحقيقة الروحيَّة مؤيَّدة بالمُعجزات الخارقة المّذهلة كتجلِّياً إلهيَّاً لقوةٍ مُطلقةٍ يشهدُه العالم بأسره، يكون الدليل المُباشر الذي لا يُمكن دحضه لأفعالٍ تُثبِتُ حقيقة الشاهد، ويضع الإنسان في قلبِ الحدث العظيم وأمام الإنذار الأخير وقبل أن تقعَ الواقعة.

أَمَّا السماءُ ذاتُ البُروج فهي المسرحُ الكونيّ العظيم لأحداث الوجود، تُمثِل مناطق مُحدَّدة في هذا الكون المَهيب، تربطُ ما بين النِّظام الكونيّ ودورة الزَّمن الماديّ، لكلٍّ منها خصائصٌ ورمزيَّة يُعطيها أبعاداً روحيَّة في قصَّة الوجود، فوق الإدراك البشريّ، لا يلِجُها إلاَّ من أوصل سيَّالاته إليها. هذه هي الأَفلاكُ والعوالمُ التي سيمر  بها ذلك الشاهد في الجلسات الروحيَّة في طريقه الى السَّماء العُلى، كما مرَّ عليها مُحمَّدٌ سيِّدَ الخلق في عروجه اليها.

وعودة السيِّد المسيح تُشكِّلُ تحدِّياً صارخاً للمفاهيم التي تحصر الوجود في نطاقٍ ماديّ، لا بل، وتؤكِّد وجودَ أبعادٍ تُفعّل الواقع وتُغير مساره بشكلٍ يتجاوز القوانين المألوفة، كما تكسر حتميَّة الموت المُطلق وتفتحُ المجالَ واسعاً للتفكير في الآيات الكريمة من سورة الفجر ( ٢٧-30):” يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي.” وكلمة راضيةً، تحملُ أبعاداً وجوديَّة عميقة، تتجاوز المفهوم البشريّ للرضا. تُعبِّرُ عن إنسجامِ جوهر النَّفس الوجوديّ مع النواميس الإلهيَّة والإرادة الكونيَّة. هي تأكيدٌ على مسار النَّفس الإنسانيَّة وشكلٌ من أشكال التحرُّر من العبوديَّة والرغبات، فيها ذروة الوعي التوافقي والمصالحة الوجودية بين الذات والكون، وبين العبد والخالق في عودة النَّفس الى باريها. هي الرضا الذي ينمُّ عن فهمٍ عميق للحكمة الإلهيَّة الكامنة في كلِّ قدرٍ وتجربة. هي السَّلام الداخليّ بإدراك الأحداث والمصاعب والآلام كجزءٍ من نظامٍ كونيٍّ عظيم، يحملُ في طيَّاته بُعداً روحيَّاً للتعلُّم والإرتقاء. فرحلة النَّفس الروحيَّة لن تكتملَ إلاَّ بالعودة الى من حيثُ انبثقت، ولن يكتملَ ذلك إلاَّ بالتَّطهُّر الكامل الشامل. لذلك كان حُكماً عليها أن تدخلَ في أَشكالِ عِبادَ الله، تتطهَّرَ من خطاياها، تتغلَّب على ميولها، وتتخلُّصِ نهائيَّاً من أوشابها وانحرافاتها لتستحقَّ جِنان الله عزَّ وجَلّ، وتعودُ الى موطنها الحقيقيّ مُتصالحة مع كلِّ أبعاد وجودها. وما عِبادُ الله إلاَّ الكائنات المعروفة منها والمجهولة.

ونحنُ هنا لسنا في صدد تفسير الكُتُب المُقدَّسة، إنَّما لإلقاء الضوء على بعضٍ من جوانبها حسبَ فهمنا للأمور الروحيَّة.

*(التتمة في العدد المقبل) 

error: Content is protected !!