الافتتاحية

خلودُ ذكرى 

 

يوافق إصدار هذا العدد من مجلة “النار والنور” الذكرى الرابعة والثمانين لإنطلاق الدعوة المُلَهمة “الرسالة الداهشية”، التي أسّسها الدكتور داهش (١٩٠٩-١٩٨٤) في ٢٣ آذار من عام ١٩٤٢ في بيروت، لبنان.
 
وقد تعرّض الدكتور داهش نتيجةً لدعوته النيّرة الى إضطهادٍ مرعبٍ ورهيبٍ على يد الطغمة الحاكمة من سياسيين ورجال دين متحمّلاً التعذيب والجلد والسجن والنفي؛ لكنّ قناته لم تلين، فكافح وجاهد طوال سنين حياته حتى نجح في إرساء أسس رسالته السامية.
 
ورغم مرور ٨٣ عاماً على بدأ تلك الدعوة، لا يزال صوتها الصارخ في البريّة يدعو المجتمع الإنساني برمّته، على إختلاف أطيافه ومعتقداته، الى التآخي ونبذ الأحقاد والعصبيات وسلك طريق المحبة والسلام، كما لا يني ينادي بالوحدة الدينية الجوهرية وبحقيقةٍ روحية تبشّر أن الأنبياء والرسل جميعهم واحد ومن ذات المصدر المقدس.
 
إن عالمنا اليوم تهيمن عليه الفوضى ويسوده الجنون والهوس بالعنف وبسفك الدماء كوسيلةٍ أساسيةٍ للتواصل ولحلّ الخلافات بين الشعوب والأفراد. لقد نهش القويّ لحم الضعيف وطغى الظلم على العدالة والمساواة، وبات حلم العيش بسلامٍ ووئام قاب قوسين أو أدنى من التبخّر، كما أضحى إحتمال وقوع حربٍ نووية تطيح بالحضارة البشرية وتهدم كل ما بنته عبر القرون واقعاً ملموساً لا لبس فيه ولا غموض.
 
في هذه الأجواء المؤسية، ظهرت الرسالة الداهشية لتهتف بصوتٍ جبار تتجاوب أصداؤه في أرجاء المعمور: 
 
 “إن الإنسان أخو الإنسان في عائلةٍ روحيةٍ مقدسة، وكلّ ما يفعله أيٌّ منّا بأخيه فإنّما يفعله بنفسه، ومبادئ الأخوة والمحبة والتسامح والمغفرة هي الحل الوحيد لمشاكل البشرية، والعودة إلى جوهر الأديان والرسالات الروحية والسير على تعاليمها فكراً وقولاً وعملاً تمثل الفرصة الأخيرة في هذا العصر للنجاة من قدرٍ مظلمٍ قاتم نحو أملٍ مشرقٍ وفجر عهدٍ جديدٍ يصل بالإنسان إلى شاطىء الأمان والطمأنينة التي طالما نشدها عبثاً.
 
نتمنّى أن تزرع كلمات وأفكار ومواضيع هذا العدد بذور خيرٍ وأمل في قلوب القرّاء وأن تترك أثراً طيباً يجدّد عزيمة السير في طريق الحق والنور واليقين.

 

 

error: Content is protected !!