بين العلم والمعجزة
إن تجاهل أو عدم التسليم بالحقائق العلمية المثبتة بهدف دعم آراء ونظريّات دينية معيّنة، هو من العبث. فهي حقائق لأنّ صحّتها قد ثبتت.
فالقمر يدور حول الأرض، والأرض تدور حول الشمس، والجاذبية-ولو اختلفت قوّتها بحسب كتلة الجسم- موجودةٌ بغضّ النظر عن مركزها في الكون، وسرعة الضوء ثابتة عند 300,000 كم/ثانية، وتعتبر علميّاً أسرع سرعةٍ في الكون.
كلّ هذه الأمثلة هي لقوانين الطبيعة التي تسيّر الكون بأكمله، فليس بالإمكان تغييرها أو تعديلها كما لا يمكن إلاّ لجاهلٍ أن يُنكرها، لأنهّا حقائق علمية.
فلِكيْ تقوم مركبةٌ برحلةٍ فضائية إلى وجهةٍ ما، يلزمها صواريخٌ ومحرّكاتٌ قويةٌ جداً لرفعها وللتغلّب على جاذبية الأرض، ثمّ تطير بسرعةٍ هي أبطأ بمراحل من سرعة الضوء. فالرحلة إلى المرّيخ تستغرق حوالي ستة أشهر. ولكن ربّ حضارة متقدّمة تكون قادرةً على السفر بسرعة الضوء والقيام برحلةٍ كهذه خلال دقائق معدودة.
وبإمكاننا في هذا العصر عبور المحيطات في خلال ساعاتٍ قليلة، ولكن في ظلّ القدرات العلمية الحالية، هل بالإمكان عبورها في طرفة عين؟ إنّ ذلك من سابع المستحيلات.
كلّ كائن حيّ يعيش على هذا الكوكب له عمر محدّد، وعاجلاً أم آجلاً سيصل إلى نهاية وجوده. وقد ساهمت التطورات الطبّية في إطالة عمر الإنسان عبر الأدوية والعلاجات وغيرها من عملياتٍ جراحية وأنظمةٍ غذائية و تمارين بدنيّة. ومع ذلك، لا يمكن للطبّ أن يُحيي الموتى أو أن يجعل الإنسان خالداً.
كما أنّ لكلّ إنسانٍ خصوصية أفكاره، ولا أحد يستطيع معرفة خبايا خواطر الآخرين. قد توجد روابطٌ معيّنة بين أفراد معيّنين—وخاصّة التوائم— فيشعرون بمشاعرٍ متشابهة، ولكن ليس بمعنى المحادثات التخاطرية أو معرفة الأفكار.
كما من الإستحالة أن يستطيع البشر التنبّؤ بالمستقبل، وكلّ من يُطلق عليه اسم “عرّاف” لا يكون إلّا مخادعاً وطامعاً بالمال الذي يحصل عليه من الناس السذّج. وكذلك لا وجود لما يُسمى بالسحر، فكلّ ما يقدّمه السحرة هو خداع بصري وخفّة يد بهدف التسلية وجمع المال.
فليس ممكنٌ لأيّ عملٍ خارق للطبيعة أن يتمّ إلّا بإذنٍ من الله وعبر أنبيائه وملائكته.
فالإنتقال الآني بطرفة عينٍ من مكانٍ الى آخر، والتخاطر، والعلاجات الفورية للأمراض، تتجاوز قدراتنا البشرية. أضف إلى ذلك خوارق بثّ الحياة في الجماد، وإختراق الأجسام والجدران وتغيير التركيب الجزيئي لعنصر وتحويله فوراً إلى عنصرٍ آخر.
ولكن ماذا لو كانت كلّ الخوارق التي ذُكرت ممكنة؟
ألم يشفِ المسيح المرضى بكلمة “إشف”؟ أو لم يحيي الموتى—كما فعل مع لعازر؟ ألم يقرأ أفكار الفريسيين؟ ألم يضاعف السمك والخبز لإطعام الحشود؟ وماذا عن تحويل الماء إلى خمر؟ أو المشي على الماء دون أن يغرق؟ أو التنبؤ بالمستقبل؟ ألا تُعدّ جميعها أعمالاً خارقة؟
إنّ الكثير من المعجزات تَخرق بوضوحٍ قوانين الطبيعة المعروفة لدينا، وبعضها الآخر يتمّ ضمن هذه القوانين ولكن إعجازيّاً عبر معارف لم تصل إليها مداركنا العلمية وأجهزتنا التكنولوجية.
فقد يأتي يومٌ في المستقبل يمكن فيه تحويل عنصر إلى آخر، ولكن ليس بدون أجهزةٍ معيّنة وخاصّة. وقد يُشفى مرضٌ غير قابلٍ للعلاج في الوقت الحالي عبر دواء أو إجراءٍ طبي، ولكن ليس بمجرد قول “إشف” فيزول ذاك المرض.
نحن، أتباعُ الدكتور داهش، نُجلّه كهادٍٍ ممّن مُنحوا قوىً خارقة للطبيعة لإثبات صدق رسالته. هدفه الأساس إرساء أسس المحبة والسلام وإرشاد البشرية نحو المُثل العليا والإيمان الجوهري الصحيح بالله وأنبيائه، والعيش تحت راية الأخوّة الإنسانية لترتقي بأرواحها ولكي تكون خطوة أقرب إلى الكمال، ولتبلغ الهدف النهائي بالاندماج مع القوّة الموجدة.
لقد تجلّت على يديه آلاف المعجزات، وقد شهد عليها الألوف، من مؤمنين بعقيدته وغير مؤمنين على حدّ سواء، ووُُثّقت تفاصيلها في الكتب والجرائد والمجلّات. فمعرفة الفكر والخواطر، والإنتقال الفوري من مكانٍ الى آخر، وتحويل العناصر، والتنبّؤ، وغيرها من معجزات، كانت شبه يومية.
وكما في كل عددٍ من هذه المجلة، يسعدنا أن نشارك القارئ جوانب من حياة الدكتور داهش ومعجزاته وتعاليمه بما لها من انعكاساتٍ تساهم في بناء مجتمعٍ أرقى وعالمٍ أفضل .
هيئة التحرير