أفكارٌ و أرآء

هو ونحن

في ذكرى ميلاد الدكتور داهش

 

خلوتُ لنفسي في ساعةِ صفوٍ، وسألتُها: من نكون نحن، وهو مَن يكون؟

فتاهتْ لزمنٍ في دهاليز المعاجم، ثم أجابت:

هو اليراعُ الذي لطالما تاقت أيدينا لتمتشقه، فتسطّرَ به عظيمَ تضحياته،

ونحن المدادُ الذي يهبُ اليراعَ الحياة.

هو نسمةُ الصيفِ النديةُ، تلامسُ هاماتِنا الأبيةَ التي أضناها التعب،

فتخفّف عنها النَّصَب،

ونحن الأثيرُ الذي يحملها، فتُقبّل عرقَ الشرفِ المتصببِ من هذي الجباه.

هو يدُ الخيرِ الحالمةُ بإرساء صرحِ الروح المجيد،

ونحن عصبُها، والدمُ الذي يجري في عروقها.

هو الكلمةُ الطيبةُ، يُفرّج الكروب، ويثلج القلوب،

ونحن حروفُها المتناغمةُ، وحركاتُها الموزونة.

هو البسمةُ اللطيفةُ، تُبلسم الجراحَ وتزرع الأفراح،

ونحن الشفاهُ العذبةُ التي ترسمُها.

هو الأبُ العطوفُ، يرنو إليه الأبناءُ لينعموا بالأمان،

ونحن أولادُه البرَرةُ، نَحني له الرؤوسَ عرفانًا وامتنانًا.

هو نجمُ الشمال، يهدي سواءَ السبيلِ لكلّ ضالٍ،

ونحن سماؤه التي يسطع فيها سَناه.

هو فلكُ الخلاص، يحتضن أحبّتَه فيُنجي من يلجأ إليه،

ونحن خَشَبُهُ، وسواعدُ مَن بناه.

هو الشعرُ، يُنظَمُ أبياتَ مجدٍ،

ونحن قوافيه الرائعات.

هو الرؤيةُ والرسالة،

ونحن له الدعاة.

هو نحن، ونحن هو: نورٌ لعينٍ، أملٌ لقانطٍ، ماءٌ لظامئٍ، حكمةُ السعاة.

هو النبضُ في قلوبِنا، والروحُ في أجسادِنا، وشجرةُ الحياة.

فـيا ربُّ، ارحمهُ، وفَراديسَك أسكنْهُ، وباركْنا وإياه.

error: Content is protected !!