في ذكرى صلبك
يا سيدي في ذكرى صلبك
نسترجع جريمة وَصَمْت الأرض
وسكانها بالعار،
يا سيد الثوار، يا بطل الحرية و محرر العبيد.
انت من رأى فيك جبران:
ثائراً لا تلين له قناة
ورأى فيك الآخرون:
مسكينًا خانعاً ذليلاً على الصليب ،
غاب عنهم يا سيدي رِفْعَة امتزاج المحبة بالأنفة والتسامح بالشموخ واللالم بالغفران
عجزوا عن رؤيتك بطلاً وأنت على الخشبة ، تؤدّي ضريبة الدفاع عن عقيدة السماء،
ولكن البشر – وهم نوع من سكان الكوكب- ورغم رحمة العدالة الإلهية التي سمحت بتوالي حيواتهم ليحققوا بعض الرقي
فشلوا باتباع تعاليمك وحَوّلوا أَبْعادك الروحية السامية إلى وسائل للكسب المادي.
في هذه الذكرى يا رسول المحبة تُستعاد حكايات المضطَهدين،
من كريشنا … إلى بوذا …إلى دانيال…إلى سقراط …
ويمر الزمن فإذا بهذه القصة المخزية تتكرّر مع:
ابن عبدالله ،النبي العربي وقد حمل رسالة الهداية
… الراهب الثائر ساڤانوريللا الذي رفع الصوت عالياً في وجه حاكم فلورنسا الظالم، وفي وجه أحبار روما المنحرفين…
ثم لوثر المصلح الديني الكبير الذي احرق صكوك الغفران و جعل الكتاب المقدس -كلمات يسوع والأنبياء- مجانا في أيدي الناس بعد ان كان وقفاً على الاحبار …
وصولاً إلى غاندي بطل السلام وشهيد الصدق
وليس آخرهم الدكتور داهش ،
الذي تعرض إلى جريمة الإشاعة حيث عجزت السلطة -المدنية على أيام بشارة الخوري مدعومة بسلطة اليسوعيين- في الحصول على مستمسك واحد يُحالُ بواسطته إلى القضاء فينزلوا به أقصى العقاب ،
وكيف لهم ذلك ،
وهو يدعوا إلى وحدة الأديان،
والإيمان بالكتب المنزلة ،
كل الكتب المنزلة،
والعمل بوصايا الانجيل والقرآن وتقديس الحرية
وجعل الثروة المكدسة في الخزائن وسيلة لخدمة الرعية والمحتاجين
لقد شهروا سلاح الإشاعة لاغتياله معنوياً املاً باسقاط فكره وإجهاض ثورته الإصلاحية .
لقد استأجروا الأقلام السفيهة عبر صحفهم ،
والحناجر الكافرة عبر منابرهم المنتشرة على امتداد الوطن…
تجنّوا على الصورة الحقيقية للرجل وجعلوه في نظر القارئين والسامعين،
ساحراً، زانياً ، منوما معناطيسياً، بل خليفة الابالسة والشياطين.
لقد امتشقوا زوراً سيف العدالة وارتدوا باطلاً حلة الإيمان
لاغتيال معنوي لشخصية مصلحة فذة تمهيداً للإجهاز على تعاليمه الاصلاحية والتنكيل به…
وفاتهم ان الاضطهاد هو وقود انتشار العقائد الهادفة إلى إنقاذ الشعوب والانتقال بها من حال إلى حال افضل.
ولو عَدَلُوا،
لعدلوا مع انفسهم و رعاياهم واخذوا بمبادئ الخير التي دعا اليها فقضوا على غلواء الطائفية والمذهبية وتخلصوا من” الأطماع الأشعبية”
ووفروا على الوطن الذبيح نتائج هذه الموبقات واللعنات المدمرة.
وليس غريباً، تكرار مواقفهم عبر توالي حيواتهم فهذا ما واجهوا به الناصري.
بالاشاعة حاربوا يسوع البطل، وما رَفْعَهُ على الصليب إلا نتيجة حتمية لاغتيال مُسْبَقْ.
بالنتيجة:
دُمِّر هيكلهم وشُرِّدوا في أقطار المعمورة.
طاردتهم لعنة قايين على مر الأجيال وهم
القائلون “دمه علينا وعلى أبنائنا”.
تحية لك أيها المصلوب البطل يا حبيب جبران القائل :
” وانت ايها الجبار المصلوب،الناظر من أعالي الجلجلة إلى مواكب الأجيال…وأنت على خشبة الصليب المدرجة بالدماء اكثر جلالة ومهابة من ألف ملك على ألف عرش في ألف مملكة…بل أنت بين النزع والموت اشد هولاً وبطشًاً من ألف قائد في ألف جيش في ألف معركة…”