أنا ثائر
أنا ثائر ! على الوجود والموجود !
أنا ثائر ! على الهيئة الاجتماعيّة ونظمها الجائرة !
أنا ثائر ! على الآراء البشريّة ومعتقداتها السخيفة !
أنا ثائر ! على المظالم النكراء التي تقوم بها الانسانيّة المجرمة !
أنا ثائر ! على الدنيا ، وما تحويه في باطنها وظاهرها ، ومعلومها ومجهولها !
أنا ثائر ! على الحياة ، وما تحويه من خديعةٍ ورياء ، ومكرٍ ودهاء !
أنا ثائر ! على الكون ، وعلى بنيه الأشرار ، وقاطنيه الفجّار !
أنا ثائر ! على أيّامي ، تمضي حافلةً بالبؤس والشقاء والحزن والعناء !
أنا ثائر ! على بني البشر الطغاة، المُفسدين العُتاة، الظالمين القساة !
أنا ثائر ! على هذه الحيوانات الناطقة التي تفضُلُها العجماوات !
أنا ثائر ! على الميول الوضيعة والأعمال السافلة !
أنا ثائر ! على الطبيعة : شمسها وقمرها ، أفلاكها وأملاكها ،
جحيمِها ونعيمها ، هوائها ونسيمِها ،
حيوانها وهوامّها ، زهرها وشجرها !
أنا ثائر ! على نفسي الثائرة ، وروحي الحائرة ،
وقلبي المحطّم المسكين !
أنا ثائر ! على كياني ووجودي ، ساخرٌ بإيماني وجحودي !
أنا ثائر ! … وثورتي عميقةٌ مدويّة ، جبّارة صارمة !
أنا ثائر ! إلى أبعد حدود الثورة ،
وثورتي لها بداية ، ولكنّها دون نهاية !
أنا ثائر ! وسأظلُّ ثائراً حتى تثور لثورتي الكائنات !
بل ستجتاح ( ثورتي ) معالمَ هذه النُظُم الجائرة السخيفة ،
وتدكّها دكّاً ، وتتركها قاعاً صَفْصَفاً ،
لتبني على ( أنقاضها ) نُظُماً أخرى !
أجل ، أنا ثائر ! ثائر ! ثائر ! . …
و ( ثورتي ) عنيفةٌ كل العنف ، جبّارة كلّ الجبروت ،
طاغيةٌ كلّ الطغيان !
وليس لثورتي هذه من حدٍّ ، ولا نهاية !
الدكتور داهش
القدس، أول أيلول سنة ١٩٣٥
من كتاب “القلب المحطّم”