أدب الدكتور داهش

أنا ثائر

 

 

أنا ثائر ! على الوجود والموجود !

أنا ثائر ! على الهيئة الاجتماعيّة ونظمها الجائرة !

أنا ثائر ! على الآراء البشريّة ومعتقداتها السخيفة !

أنا ثائر ! على المظالم النكراء التي تقوم بها الانسانيّة المجرمة !

أنا ثائر ! على الدنيا ، وما تحويه في باطنها وظاهرها ، ومعلومها ومجهولها !

أنا ثائر ! على الحياة ، وما تحويه من خديعةٍ ورياء ، ومكرٍ ودهاء !

أنا ثائر ! على الكون ، وعلى بنيه الأشرار ، وقاطنيه الفجّار !

أنا ثائر ! على أيّامي ، تمضي حافلةً بالبؤس والشقاء والحزن والعناء !

أنا ثائر ! على بني البشر الطغاة، المُفسدين العُتاة، الظالمين القساة !

أنا ثائر ! على هذه الحيوانات الناطقة التي تفضُلُها العجماوات !

أنا ثائر ! على الميول الوضيعة والأعمال السافلة !

أنا ثائر ! على الطبيعة : شمسها وقمرها ، أفلاكها وأملاكها ،

جحيمِها ونعيمها ، هوائها ونسيمِها ،

حيوانها وهوامّها ، زهرها وشجرها !

أنا ثائر ! على نفسي الثائرة ، وروحي الحائرة ،

 وقلبي المحطّم المسكين !

أنا ثائر ! على كياني ووجودي ، ساخرٌ بإيماني وجحودي !

أنا ثائر ! … وثورتي عميقةٌ مدويّة ، جبّارة صارمة !

 أنا ثائر ! إلى أبعد حدود الثورة ،

وثورتي لها بداية ، ولكنّها دون نهاية !

أنا ثائر ! وسأظلُّ ثائراً حتى تثور لثورتي الكائنات !

بل ستجتاح ( ثورتي ) معالمَ هذه النُظُم الجائرة السخيفة ،

وتدكّها دكّاً ، وتتركها قاعاً صَفْصَفاً ،

لتبني على ( أنقاضها ) نُظُماً أخرى !

 أجل ، أنا ثائر ! ثائر ! ثائر ! . …

و ( ثورتي ) عنيفةٌ كل العنف ، جبّارة كلّ الجبروت ،

طاغيةٌ كلّ الطغيان !

وليس لثورتي هذه من حدٍّ ، ولا نهاية !

 

الدكتور داهش 

القدس، أول أيلول سنة ١٩٣٥
من كتاب “القلب المحطّم”

error: Content is protected !!